الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: لتُخرج الناس من الظلمات إلى النور - بوابة فكرة وي

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
  الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: لتُخرج الناس من الظلمات إلى النور - بوابة فكرة وي, اليوم السبت 5 أكتوبر 2024 05:42 صباحاً

قال الله تعالى: «الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ» [إبراهيم: 1].

وكلمة (إليك) فى قوله سبحانه وتعالى: «أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ» تدل على أن الوحى انتهى إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إلى غيره، فهو لا يُؤخذ إلا منه صلى الله عليه وسلم، ولا يُدرك إلا بواسطتِهِ صلى الله عليه وسلم.

وقد انبنى على هذا قوله سبحانه وتعالى: «لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ»، حيث أُسند إخراج الناس من الظلمات إلى النورِ إلى سيدِنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالهداية لا تكون إلا باتباعِه هو صلى الله عليه وسلم، والاستنان بسُنته والتمسك بهَديه.

وكان من الممكن -من حيث الصياغة اللغوية- أن تكون الآية: لِيَخرج الناسُ، بحيث تفيد أنه بوُسعِ كلِّ واحد من الناس أن يهتدىَ بالكتاب، ويخرج نفسه بنفسه من الظلمات إلى النور بمجرد قراءته وفهمه الخاص للقرآن الكريم دون الرجوع إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنها لم تأتِ كذلك؛ لأن هذا المعنى غير صحيح، وغير مراد.

فهذه الكلمة الربانية «لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ» تبين دون أدنى شكٍّ أنه ليس دورُ سيدِنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم هو مجرد تلاوة آيات القرآن الكريم على مسامع الناس فقط.

وقد جاءت آيات أخرى توضح هذا فى جلاء لا خفاء فيه، قال الله تعالى: «وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً» [النساء: 113]، وهذه الآية صريحة فى أن الله تعالى أنزل عليه صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم وأنزل عليه الحكمة أيضاً، وعطف الحكمة على الكتاب يقتضى المغايرة بينهما، والذى يغايرُ الكتابَ هو ما يُبلغُه صلى الله عليه وسلم من تشريع بقوله، أو بفعله، أو بتقريره -أى: عدم اعتراضِه على فعل بحضرته- فالسُّنّة وحى كالقرآن تماماً، وتفسير بعض العلماء للحكمة بأنها النبوة لا يناقض هذا المعنى، بل يؤيده ويقويه، فالحكمة نبوة ووحى زكى قسيم لكتاب الله تعالى، جاءت مبينة له، وموضحة لأحكامه، بل استقلت ببيان بعض الأحكام الشرعية.

فسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن لم يكن مجرد مبلغ لآيات القرآن الكريم، بل كان يعلم الناس القرآن والحكمة، وقد جاء هذا صريحاً فى غير موضع من كتاب الله تعالى، من هذا قوله سبحانه: «كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ» [البقرة: 151]، وقوله تعالى: «لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِى ضَلَالٍ مُبِينٍ» [آل عمران: 164]، وقوله عز وجل: «هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِى ضَلَالٍ مُبِينٍ» [الجمعة: 2]، فهذه الآيات جميعاً نصَّت على أنه صلى الله عليه وسلم يعلِّم الكتاب والحكمة؛ أى: ما أوحاه الله تعالى إليه من القرآن الكريم ومن السنة المطهرة.

وجَلىٌّ فى هذه الآيات المباركات أن تعليم الكتاب والحكمة جاء معطوفاً على تلاوته صلى الله عليه وسلم آيات الله تعالى؛ وسبقت الإشارة إلى أن العطف يقتضى المغايرة، فتعليم الكتاب شىء غير تلاوة آياته وتبليغها للناس، ومن صور هذا التعليم ما كان يراه الصحابة الكرام من سلوكه وأخلاقه التى هى صورة عملية لكتاب الله تعالى، فلما قال أحدُهم للسيدة عائشة رضى الله عنها: يا أمَّ المؤمنين أنبئينى عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: «ألستَ تقرأُ القرآن؟» قال: بلى، قالت: «فإن خُلقَ نبى الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن» [رواه مسلم].

وهذا معناه أنه لا بد من أن نأخذ بالسنة المطهرة، فبها يكون الانتقال من الظلمات إلى النور، وهى الحكمة التى بدونها يتخبط الناس فى دنياهم، والتى لا يصح أخذ القرآن الكريم بعيداً عنها، فالقرآن الكريم يدل على أنه لا يُؤخذ إلا من خلال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه هو الذى يعلمه، وتعليمه صلى الله عليه وسلم هو سنته المطهرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق