كتب حاتم رشيد -
حملت كلمة نائب الأمين العام لحزب الله التزاما بنهج الشهيد الراحل حسن نصرالله.وجوهرها الالتزام بمساندة غزة وفلسطين عموما والدفاع عن لبنان.
ثم جاءت تصريحات مطولة نهار اليوم للسيد نجيب ميقاتي رئيس الوزراء اللبناني.ومضمونها قبول لبنان بوقف إطلاق النار دون أي ارتباط بوقف العدوان في غزة والقبول الفوري بتنفيذ قرار الأمم المتحدة (1701) بما ينطوي عليه من انسحاب قوات حزب الله لما وراء الليطاني وبلغة لا لبس فيها الموافقة على تقدم الجيش اللبناني إلى جنوب الليطاني. ومجمل تصريحات السيد ميقاتي تلبي متطلبات إسرائيلية معلنة.
ومما يمنح أهمية خاصة لتصريحات ميقاتي أنها تحظى بموافقة السيد نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني والشريك السياسي لحزب الله والاقرب لقيادته.
ومن الواضح أن ميقاتي ونبيه بري يحاولان محاصرة الأزمة الإنسانية المتفاقمة ووقف حرب الإبادة الإسرائيلية.
وفي إشارة ساطعة على استشراف تغيير نوعي في تناسب القوى المحلي أعلن عن دعوة نبيه بري لجلسة برلمانية تنتخب رئيسا توافقيا للجمهورية، أي التخلي عن ترشيح شخصيات تبناها حزب الله لهذا المنصب.
لهجة واضحة تذهب باتجاه إعطاء لبنان عناوين سياسية جديدة ومعادلات جديدة تستثمر في توقيت يبدو فيه حزب الله وقد لحق به الوهن نتيجة ضربات اسرائيلية نوعية وقاسية.
السؤال الذي يبرز في هذا السياق هو هل هناك قبول ضمني متفق عليه بين حزب الله ونبيه بري ام أن السيد نبيه بري يتبنى موقفا مستقلا عن الحزب.
السؤال ما زال بغير إجابة.لكن هناك إجابة اسرائيلية منفصلة عن مجمل السياق.وتتمثل اجابتها في تطوير زخم ما احرزته من مكاسب باتجاه التخلص نهائيا من حزب الله كقوة تهديد طالما ارعبت اسرائيل.
اسرائيل لن تستمع لعرض ميقاتي وهي أمام اغراء أعجز من أن تقاومه وهو غزو لبنان املا في تحطيم عدوها الأخطر متمثلا في حزب الله، وفي التصور الإسرائيلي أن اسرائيل أمام فرصة سانحة لتصفية حزب الله.
من الممكن الافتراض أن حزب الله أكثر ميلا وتصميما على مواصلة مقاومته لإسرائيل نصرة لغزة ودفاعا عن لبنان وحفاظا على مصداقيته أمام اختبار الدم والنار، خاصة وأنه مشحون بمشاعر ثأر وانتقام لاغتيال زعيمه علاوة على رد على الضربات الإسرائيلية الموجعة التي تلقاها تباعا طوال شهر أيلول.
يواجه الحزب أكثر من معضلة وتحد وأولها تعرض حاضنته الشعبية وجمهوره لعدوان فتاك مدمر أدى لنزوح مئات الألوف من المواطنين من قراهم ومدنهم في الجنوب والبقاع والضاحية.وهذا تحد انساني يفوق قدرة الحزب بل الدولة اللبنانية على التعامل معه.وهنا الحزب بمواجهة مأساة إنسانية.
يجد الحزب أنه أمام مسؤولية إنسانية وطنية لإنقاذ حاضنته الشعبية التي تخشى اليوم من عواقب أضعاف الحزب وموقعه في معادلات التوازنات الطائفية مع الاسف.
والمعضلة الثانية هي زخم الهجمات الإسرائيلية المدعومة من امريكا مباشرة تمويلا وتسليحا بل ودعما مخابراتية وعسكريا مباشرا، وبما يثقل كاهل الحزب. هذا علاوة على الدعم الغربي الذي توفره دول اخرى كبريطانيا وألمانيا .
والمعضلة الثالثة افتقار الحزب لدعم قوى لبنانية بل إن بعضها يعادي الحزب صراحة. اي أنه أمام تهديد يصب في المصلحة الإسرائيلية.
أما الدعم الفاعل والمؤثر المتوقع من سوريا وإيران فدونه صعوبات جمة، فسوريا مرتبكة عمليا نتيجة وضعها الداخلي وتواجد قوى احتلال على أرضها. اما إيران فمن الواضح أن تدخلها لن يتجاوز الدعم السياسي والمالي والتسليحي، ولا يمكن أن تشارك في الحرب مباشرة، وهي مشاركة غير ضرورية وربما ضررها أكثر من نفعها، وبقاء إيران كدولة مساندة ودعم هو الخيار الأجدى لها وللمقاومة.
حزب الله في مفترق طرق وأمام خيارات كلها صعبة ومعقدة ومكلفة للغاية.خاصة وأن الهدف الإسرائيلي الأمريكي ارتفع سقفه اى حد تصفية حزب الله والقضاء عليه في تكرار للهدف المعلن في قطاع غزة وهو القضاء على حماس.
اسرائيل ستواجه في لبنان اسوأ مما واجهته في غزة.
ورغم نجاحات اسرائيل مؤخرا، إلا أن حزب الله برهن وما زال قادرا على البرهنة عن اقتدار وعزيمة بسالة في مقاومة العدو الإسرائيلي.
القراءة المتاحة تفيد بأن لا خيار أمام الحزب سوى خيار المقاومة بكل كلفه وتعقيده والامه.
0 تعليق