عاجل

جريدة الزمن التونسي - بوابة فكرة وي

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جريدة الزمن التونسي - بوابة فكرة وي, اليوم الخميس 12 سبتمبر 2024 12:51 صباحاً

جريدة الزمن التونسي

نشر في الزمن التونسي يوم 11 - 09 - 2024

azzaman

كاتب وصحفي تونسي
كلما حل فصل الصيف بحرارته التي لا تطاق تذكرت اشياء جميلة بقيت راسخة بالذاكرة من ايام الطفولة في قريتنا البعيده.. هناك في قرية الواعرة التي تسند ظهرها لسلسلة جبال الظاهر التي تقف فاصلا بين قريتنا وقرية حاسي الفريد التابعة لولاية القصرين..و تتعالى في شموخ وكبرياء فهي الجارة الشرعية لجبل سيدي عيش الأشم الذي شهد أعنف واخر المعارك الوطنية والحق فيه المقاومون المجاهدون كما تقول جدتي زعرة رحمها الله جيش المستعمر هزيمة نكراء.. فقد كانت معركة حمي فيها الوطيس.. دامت ثلاثة ايام وكبد فيها الثوار جيش الاستعمار خسائر فادحة في الارواح والمعدات فاندحر خائبا ململما هزيمته..تروي لي جدتي كيف كانت // الطانقوات* // وسيارات الجيش تعبر قريتنا في سرعة جنونية ذهابا وايابا طيلة ايام المعركة لايصال المدد او لنقل الجرحى والموتى ..*يا لقريتنا الصامده كم عرفت من معارك ولا يوجد منزل في قريتنا لم ياوي يوما المجاهدين والثوار..كان الثوار كما تسميهم جدتي و الذين يتحصنون بالجبال المحيطة بقريتنا يرسلون أحدهم الى من يختارونه من السكان ويقولون له // عشاء الثوار عندك الليلة //فيهب كل سكان القرية لمساعدة صاحب المنزل لاعداد وجبة طعام الثوار في كنف السرية بدءا من ذبح خروفين او شاة كبيرة واعداد قصاع الكسكسي و رقائق الكسرة ومرقة الدجاج العربي حتى اذا جن الليل بدا الثوار يتوافدون على المنزل على دفعات ويتركون دائما من يقوم بحراسة المنزل والتنبيه عند الضرورة..اكتسبت قريتنا صفة القرية المناضلة..وهي بهذا فخورة ويفخر بهذا ابناؤها ايضا واردا عن تالد..الصيف في قريتنا له نكهته الخاصة..فهو موسم جني المحاصيل الزراعية بعد جني محاصيل القمح والشعير وتكديس المحاصيل في البيدر وما أن ينتهي الفلاحون من جمع المحاصيل حتى يبدا موسم فصل القمح والشعير عن التبن وهو يوم مشهود في تاريخ القرية.وعادة ما يكون صاحب النورج الذي يقوده فرسان قد ضبط قائمة في اسماء الفلاحين..ويفرح الاطفال بقدوم النورج فهم يتقربون الى صاحب النورج بالهدايا ليركبهم في النورج او الجاروشه وهو يدور على البيدر لدك أكمام سنابل القمح او الشعير ليفصل حبوب القمح عن التبن.. وكثيرا ما كنا نسقط لاننا لا نستطيع ان نضبط انفسنا فنقع من النورج على البيدر وقد كسته سنابل القمح..ثم ياتي بعد ذلك موسم جني محاصيل اللوز فيكون فرصة لنا نحن أطفال القرية لنجمع بعض المال مقابل اشتغالنا مع الفلاحين في جمع المحاصيل وحفصل حبات اللوز عن القشرة الخارجية بعد ذلك وهو عمل مظز .. كثيرا ما كنت اتهرب منه..وكان والدي يقول لي انك لا تريد ان تشتغل كما يشتغل اندادك. ..فكانت والدتي تجيبه .ابني لم يخلق ليشتغل مقابل كمشة لوز يسلمها له الفلاح بعد عمل مظن..كنت أقضي وقتا طويلا في في حفظ القرآن حتى حفظت الربع وانا لم ابلغ بعد السادسة من العمر فأقامت لي والدتي وجدتي حفلا.واذكر انني كنت أمر على المنازل مستظهرا بلوحتي وقد ختم عليها مؤدب القرية انني حفظت ربع القران..فتح لي ذلك مجال المطالعة فكنت اقرا كل ما يفع بين يدي من كتب عمي وما هو موجود في كراريسه من قصائد واشعار ونصوص..اذكر انني قرات قصائد الشابي الصباح الجديد واشعار صفي الدين الحلي وعلى حرزالله ونصوص المنفلوطي وعبد القادر المازني وطه حسين.. ولما اشترى لنا الوالد أول جهاز راديو واذكر انه كان من نوع فيليبس اتخذته صديقي ورفيقي وشغفت بالاستماع الى الاذاعات ومراسلتها.حتى كونت اول ناد لمستمعي اذاعة برلين العالمية في قريتنا.. ويا لفرحتنا ونحن نستمع الى اذاعة برلين تعلن بعد ايام عن تاسيس نادينا وتذكر اسماءنا نحن اعضاء النادي..هواية صيد العصافيرلم تكن حرارة الطقس في فصل الصيف تؤثر فينا..فقد كنا صغارا وكنا مندفعين.وكنا نستغل فترة القيلولة وارتفاع درجات الحرارة لاصطياد العصافير…واذكر انه كانت هناك انواع غريبة من الطيور والعصافير التي كنا نصطادها في عز القيلولة بواسطة الشباك وبالمنداف لم تعد موجودة اليوم. ..مثل طائر القبره جميلة الشكل والتي كان يعلو رأسها تاج من الريش وطائر البشيق الذي يميل لونه الى الاحمرار وهو الطائر السهل في الاصطياد وأنواع من الحمام الذي كنا نصطاده في بقايا مزارع القمح وطائر السليحة الصغير الحجم ولكنه الذ الطيور طعما..اذكر انني خرجت ذات يوم من ايام شهر جويلية وكان يوما شديد الحرارة.رفقة قريبي عمى وخالي الى البئر التي كنا نتزود منها بالماء للشرب والاستعمال المنزلي…وكانت اسراب الطيور تحوم حول البئر تبحث عن الماء لتروي عطشها.نصبنا الشباك بعد ان جففنا كل المنابع التي بمكن ان تذهب اليها الطيور.ولم تمض مدة طويلة حتى اصطنا اكثر منمائة عصفور وعدنا بصيد ثمين الى العائلة….و كم كان ممتعا لنا ان نطارد الحمام في فصل الصيف في بقايا المزارع.. فهو لا يستطيع ان يطير كثيرا وكنا نصطاده بسهولة…يكفي ان نجري وراءه حتى يفشل ويستسلم.اما القبره فهي اكثر الطيور احتراسا وكنا نصطادها في البيادر تاتي لالتقاط بقايا حبزب القمح…ولم تكن تقع بسهولة في المصيدة او في الفخاخ التي ينصبها لها..نعود الى ديارنا متعبين لنتهيا الى ما ينتظرنا من أعمال في المساء… فاما ان نذهب مع الفلاحين لجمع محاصيل اللوز او نرعى الاغنام.. وشخصيا كان الوالد يكلفني برعي الاغنام.أخرج بها الى المراعي مع الساعة الثالثة مساء ولا اعود بها الا مع الثامنة والنصف ليلا.تلك كانت اياما وذكريات جميلة طبعت صبانا..—————–* الطانقوات مفرد طانقو مصطلح شعبي لسيارات الجيش المحملة بالمدافع والسلاح* البشيق نوع من انواع الطيور-السليحة نوع صغير من الطيور

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق