د. مايا الهواري

كلّ ابن آدم خطّاء وخير الخطّائين التّوّابون، والعلاقات لا تسود إلّا إذا تصافت القلوب ولم تحمل داخلها الحقد والضّغينة، وخاصّة الأهل في ما بينهم، الأقارب، الأصدقاء، والأزواج كذلك، لأنّ هؤلاء يجب أن تسود بينهم علاقات قويّة ومتى تزعزعت هذه العلاقة تدهورت المحبّة والطّمأنينة. وكثيراً ما نجد أنّ هذه الزّعزعة تغلغلت في العلاقة بين الزّوجين، فيخطئ أحدهما بحقّ الآخر ولا يتنازل ويعترف بخطئه، ويظنّ نفسه أكبر من ذلك ومقامه أعلى من أن يعتذر لتكبر المشكلة بينهما وتصل في نهاية المطاف إلى الطّلاق، وأحياناً يخطئ الزّوج بحقّ زوجته ويتكرّر الخطأ وهو يدرك ذلك، والزّوجة تتحمل كثيراً لتصل لدرجة يمتلئ الكأس فيها، فتطلب التّوجيه الأسريّ ولكن دون جدوى، ما يدفعها لطلب الخلع من زوجها، إلّا أنّ الزّوج يستمرّ في عناده ولا يعترف بخطئه أو يسهم في إصلاح ما أفسده، بل ويهدّدها بأن تفعل كلّ ما بوسعها وأنها لن تحصل على الطّلاق، وبالجهة المقابلة نجد الزّوج يعترف بخطئه ويحاول تسوية الوضع بشكل جيّد إلّا أنّ الزّوجة يتملّكها العناد وتطلب الطّلاق ولا تقبل بالعودة لزوجها لتتفاقم المشكلة، علماً أنّ المتضرّر الوحيد في هذه الحالة هم الأبناء، لأنّهم يتيهون بين الأب والأم ويكبرون بين هذا وذاك، وتتصدّع حياتهم وتبتعد عن الاستقرار، فلا ينشأون نشأة سليمة.
إنّ ما يزرعه الآباء يحصده الأبناء والنّتيجة ستكون من نصيبهم، فلماذا يسعى البعض لأن تكون نتيجتهم سلبيّة، وبالتّالي ستنعكس على أولادهم ويصبحوا ذوي شخصيّات غير واثقة بنفسها وسيكبرون ويعرفون من كان المخطئ من والديهما ومن كان على صواب، بل ويكمن الخوف في أن يتّبعوا مسيرة المخطئ فيدمّرون بذلك مستقبل أولادهم.
نستنتج ممّا سبق أنّ الإنسان المخطئ ليس بمذنب، بل المذنب من استمرّ على خطئه ولم يحسّنه للصّواب، لأنّ الخطأ سيجرّ وراءه خطأ أكبر، كما يجب الابتعاد عن التّكبّر والعناد، وأنّ الاعتراف بالخطأ ليس عيباً وشيئاً سيّئاً، بل هو فضيلة عظمى، لأنّ المخطئ بشر ومن صفات البشر الخطأ والعدول عنه وتصويبه حتّى تسير الحياة بالشّكل المستقيم القويم.