تُسير مصر بخُطى متوازنة في كافة دوائر انتمائها عربية، إفريقية، إسلامية، متوسطية، وتعي القاهرة جيداً أن هذا الانتماء غير منفصل، وإنما هو انتماء تكاملي لا تنافسي وغير متناقض، وأن هذا التنوع الانتمائي يُعد بمثابة مصدر إثراء حقيقي للدبلوماسية المصرية.

منذ بداية عهده رسم الرئيس عبد الفتاح السيسي الخط السياسي للسياسة الخارجية المصرية، التي حددت ثوابت العلاقات المصرية الخارجية وتوازنها، حتى شهد الجميع أن الدبلوماسية الآن أصبحت أحد ركائز التنمية الأساسية داخل مصر.

وحظيت مصر منذ 30 يونيو بعهد جديد أعاد دورها الريادي في المنطقة وصحح مسار الدبلوماسية المصرية من العزلة إلى التأثير ورفع شعار "ندية وشراكة وقرار وطني مستقل"، واستطاعت مصر أن تُدير علاقاتها الدولية باحترافية، وتروض المشكلات الخارجية باقتدار، لتعيد بدبلوماسيتها المعتدلة  العلاقات مع دولة تركيا بمصالحة جادة أتت بثمارها على القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، وكذا قضايا المنطقة العالقة، أبرزها القضية الفلسطينية، واستقرار ليبيا والإسراع في الانتخابات الرئاسية.

العلاقات المصرية التركية قد تدخل مرحلة جديدة، إذ ينطلق اجتماع المجلس الاستراتيجي رفيع المستوي الذي يعقد برئاسة الرئيس السيسي والرئيس التركى رجب طيب أردوغان في العاصمة التركية، أنقرة، ومعه تدخل العلاقات المصرية التركية مرحلة جديدة.

وسبق هذه الخطوة تبادل الزعيمين الاتصالات واللقاءات، وكانت أول مصافحة تاريخية بين الرئيسان السيسي وأردوغان على هامش افتتاح كأس العالم 2022في قطر، وتم التوافق على أن تكون تلك بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين.

اللقاء الثاني كان على هامش قمة العشرين بالعاصمة الهندية نيودلهي، في 10 ديسمبر 2023، وأعرب الزعيمان عن اهتمامهما بتعزيز التعاون الإقليمي كنهج استراتيجي راسخ ، وذلك في إطار من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة والنوايا الصادقة، وبما يسهم في صون الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط.

واللقاء الثالث القاهرة  14 فبراير 2024 عقب زيارة أجراها أردوغان لأول مرة منذ 12 عاماً، استقبله خلالها الرئيس السيسي وساهمت الزيارة في تجديد العلاقات بين البلدين، واتفقا على رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء، ووقعا اتفاقيه مشتركه حول إعادة تشكيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين مصر وتركيا، وتوافقا على ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة بشكل فوري، وتحقيق التهدئة بالضفة الغربية.

كما تبادل الزعيمان الاتصالات الهاتفية، وكان اتصالهما الأول، الذي أجراه الرئيس السيسي، يعزّي فيه أردوغان في ضحايا زلزال فبراير 2023 الذي ضرب مناطق واسعة في تركيا، وأبدى الرئيس السيسي استعداد بلاده لتقديم المساعدات والإغاثة الإنسانية  للتغلب على آثار هذه الكارثة.

وفي 30 مايو من نفس العام أجرى الرئيس السيسي اتصالاً بنظيرة التركي لتهنئته بمناسبة فوزه بالانتخابات الرئاسية، وإعادة انتخابه رئيساً لتركيا لفترة رئاسية جديدة، وفي 20 ديسمبر 2023 تلقى الرئيس السيسي اتصالا من نظيره التركي هنأه خلالها بإعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة، وقد ثمن الرئيس السيسي هذه اللفتة الطيبة من الرئيس أردوغان.